عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-2020, 01:36
  #1
زينب كريم
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 159
زينب كريم will become famous soon enoughزينب كريم will become famous soon enough
موضوع عن الغربة

[uموضوع عن الغربة
لا شكَّ أنّ الوطنَ يشبهُ الأم التي تحتضن أبناءها فتمنحهم شعورًا بالأمان، وإلا لما سُميَّ موطن الإنسان الأصلي الموطن الأم، وربما لن يدرك هذه المعادلة إلا مغترب أجبرته المجاعات أو الحروب إلى مغادرة الوطن قسرًا، فلم يكن يضمر في نفسه نيّة الغربة بل أجبرتهُ صعوبات الحياة أن يصيرَ لاجئًا أو نازحًا في بلد غريبٍ بين ليلة وضحاها، فقد تكون الغربة خيارًا وحيدًا للحياة الكريمة، وهو خيار مرير بلا شكّ؛ فالغربةُ كربةٌ كما يقال، لا سيما وأنّها تُسبّب اضطرابًا في النّفس نتيجة تغيير الرّوتين اليوميّ، وتغير المكان، والعادات، والأهل، والصّحب وقد يكون تغيرًا للأسوأ فتنشأُ مشكلة عدم التّعود على الوطن البديل، فتصبح حياةُ الإنسان في الغربة ما هي إلا حياةً مؤقتةً؛ لأنّ ارتباطه بالأرض والشّعب والهوية ارتباطًا روحانيًا منذ الصغر، وعليه فلن يكون المرءُ المغتربُ قادرًا على العطاء أو بدء حياة جديدة في وطن جديد قد لا يعني له شيئًا، ولكنّ الواجب هو التّعايش وتقبل الأوضاع الرّاهنة، ومحاولة اكتشاف نصف الكأس المُمتلئ؛ فالغربةُ قد تكون فرصةً جليلةً لبداية جديدة، وهذا بالطّبع يتطلّبُ نفسًا مؤمنةً بالله جلّ وعلا فهو المالك للكون، والمغير للقدر، والمُتكفل لحياة البشر، يدبّرُ الأمر وهو على كل شيء قدير، فالرّضا وسيلة تعايش مطلوبة في ظلّ انعدام سبل العودة إلى الوطن؛ لأنّ وقوفَ الإنسان مكتوف الأيدي يصبح شوقًا إلى وطنه لن يغير من المعادلة شيئًا، وإن كانت هذه المشاعر بالطّبع تدقُ الفؤاد بين حين وآخر، فيتذكر المرء أحبته وعائلته، ويستحضرُ شوقه لكلّ شيء، وقد يخاطبُ وطنه بباقة من الكلمات والأشعار، إلا أنّ الحياةَ لن تنتظرَ أحدًا حتى يفيقَ من حالة الحنين وستظل تمشي وتمشي على قدمٍ وساق.
صفحة جديدة 2

زينب كريم غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس