القطة الحائرة في أحد الأيام كانت هناك قطةٌ لطيفةٌ وجميلة تدعى قطقوطة، إلّا أنّها كانت لا تحبّ شكلها، فكانت تتذمّر في كلِّ مرّةٍ في تنظر فيها إلى المرآة، وكانت تقضي وقتها في مراقبة الحيوانات الأخرى، فيوماً تحلم أنّها تستطيع الطيران كالطيور، ويوماً تحلم أنّها تستطيع السباحة كالأسماك، ويوماً تحلم أنّها تستطيع الجري بسرعةٍ كالفهد في الغابات، وكانت خيالاتها تلك تمنعها من إدراك ما تتميز به عن المخلوقات الأخرى من نعم خصّها الله بها، وفي أحد الأيام كانت قطقوطة تلعب قريباً من البحيرة، فرأت بعض البطّات الصغيرة التي تسبح في البحيرة، فتمنّت لو أنّها قادرةً على السّباحة كالبط، وحاولت ذلك إلّا أنّها لم تستطع أن تسبح ببراعتهن، فنفضت جسمها من الماء وسارت غاضبة تكمل طريقها نحو المنزل حتى شاهدت أرنباً يقفز بمرحٍ ويتناول الجزر بشهيّة، فتمنّت أن تصير أرنباً، وعندما حاولت القفز مثله لم تستطع فعل ذلك، فقالت: سأتناول الجزر مثله إذن، إلّا أنّ طعمه لم يعجبها أبداً؛ فالقطط لا تحبُّ الجزر، أدرات قطقوطة ظهرها عائدة إلى المنزل فشاهدت قطيعاً من الخراف التي أعجبها صوفها الكثيف وشكلها المستدير وتخيّلت جمال شكلها إن هي أصبحت خروفاً، فأسرعت تبحث في دولاب البيت عن قطعة من الصوف، وما إن وجدتها حتى لفَّت نفسها بها وبدأت تمشي فرحة مع القطيع، ولكنّ هذا الصوف جعلها تشعر بالحرّ الذي لم تتمكن من احتماله، فحزنت وأزالته عن جسمها وهربت. سارت القطة حزينة في طريقها لا تدري ماذا تفعل، فقررت أن تجلس تحت الشجرة لتستريح قليلاً، وأثناء جلوسها أرادت أن تُسلَي نفسها
حواديت قبل النوم فأخذت تموء بصوتها اللطيف وتصدر أنغاماً عدّة، فمرّت عليها زرافة طويلة اقتربت منها وقالت لها: يا إلهي ما أجمل صوت موائك! أتمنى لو أنني أمتلك حبالاً صوتيةً تمكنني من الغناء مثلك أيّتها القطة، ابتسمت قطقوطة وعلا صوت موائها من شدّة الفرح بما قالته لها الزرافة، إلّا أنَّها سمعت صوت عجوز تنادي: أنقذوني أنقذوني فهعرت بسرعة إلى مكان الصوت لتجد أفعى كبيرة تحاول لدغ هذه العجوز التي لا تستطيع الدفاع عن نفسها، فوثبت القطة مسرعة ونالت من هذه الأفعى الشريرة بمخالبها القوية وأبعدتها عن العجوز، فرحت العجوز كثيراً وشكرت القطة على ما فعلته لأجلها، وطلبت منها أن تشكر الله على نعمة المخالب التي أنعم بها عليها، وبعد وقت ليس بقصير نظرت العجوز والقطة إلى الباب فرأتا سلحفاة يبدو عليها التعب، فسألتاها ما خطبك أيتها السلحفاة؟ فأجابت بحزن: لقد سمعت صوتك أيتها الجدّة فأتيت مسرعة لأنقاذك إلا أنني لم أستطع الوصول في الوقت المناسب لبطء حركتي، فشكرت قطقوطة الله على سرعة حركتها في سرّها، وقالت الجدّة: هوني عليك يا سلحفاتي العزيزة فقطقوطة الجميلة قد أنقذتني بما أنعم الله به عليها، وأنا متأكدة بأنني سأحتاج مساعدتك
حدوته قصيره يوماً ما، فلكل مخلوق منّا وظيفة في هذه الحياة خلقه الله لأجلها، ومنحه ما يمكِّنه من القيام بها، فلنشكر الله جميعاً ولنُذكّر بعضنا بمحاسن البعض دوماً، ابتسمت قطقوطة والسلحفاة وقالتا بصوت واحد: نعم أيتّها الجدّة نحن محظوظتان بما خلقَنا الله عليه، ولن ننسى أن نشكره على نعمه بعد الآن، ثمّ عادتا إلى منزلهما سعيدتين.