علاج الصرع عند الأطفال هو مجال متطور ويتم تخصيصه بشكل كبير لكل طفل على حدة. الهدف الرئيسي ليس فقط السيطرة على النوبات ولكن أيضًا تمكين الطفل من عيش حياة طبيعية ونشطة قدر الإمكان.
إليك نظرة شاملة على خيارات العلاج المتاحة:
1. الأدوية المضادة للنوبات (الأدوية المضادة للصرع)
هذا هو الخط العلاجي الأول والأكثر شيوعًا لغالبية الأطفال المصابين بالصرع.
كيف تعمل: تهدف هذه الأدوية إلى تنظيم النشاط الكهربائي في الدماغ لمنع حدوث النوبات. وهي لا تعالج السبب الكامن وراء الصرع ولكنها تتحكم في الأعراض.
مبدأ العمل: يبدأ الطبيب عادة بدواء واحد بجرعة منخفضة ثم يزيدها تدريجيًا حتى يتم تحقيق السيطرة الكاملة على النوبات أو مع ظهور أقل آثار جانبية ممكنة.
الأهمية: الالتزام بالمواعيد هو العامل الأكثر أهمية في نجاح العلاج. نسيان الجرعات يمكن أن يؤدي إلى حدوث نوبات.
الآثار الجانبية: بعض الأطفال قد يعانون من آثار جانبية مثل النعاس، الدوخة، فرط النشاط، مشاكل في الذاكرة، أو الطفح الجلدي. يتم مراقبة الطفل عن كثب من قبل الطبيب.
2. النظام الغذائي الكيتوني
هو نظام غذائي عالي الدهون ومنخفض الكربوهيدرات والبروتين. يتم استخدامه غالبًا عندما لا تستطيع الأدوية السيطرة على النوبات (الصرع المقاوم للعلاج).
كيف يعمل: ي
حاكي النظام الغذائي حالة الصيام، مما يجعل الجسم يحرق الدهون لإنتاج الطاقة. هذه العملية تنتج مواد تسمى "الكيتونات"، والتي لها تأثير مضاد للنوبات على الدماغ.
التطبيق: يتطلب هذا النظام إشرافًا طبيًا دقيقًا جدًا من قبل طبيب أعصاب أطفال وأخصائي تغذية متخصص لتجنب سوء التغذية والآثار الجانبية.
3. الجراحة
يتم النظر في الجراحة عندما:
تكون النوبات مقاومة للأدوية (صرع مقاوم للعلاج).
يكون هناك منطقة واضحة ومعينة في الدماغ هي مصدر النوبات ويمكن إزالتها دون التسبب في ضرر لوظائف مهمة (مثل الكلام، الذاكرة، الحركة).
أنواع الجراحة:
استئصال بؤرة الصرع: إزالة الجزء الصغير من الدماغ الذي يسبب النوبات.
بضع الجسم الثفني: قطع الشبكة من الألياف العصبية التي تربط بين نصفي الكرة المخية. هذا يمنع انتشار النوبات من جانب إلى آخر، وهو مفيد للأطفال الذين يعانون من نوبات سقوط ("نوبات توتنية"). لا توقف الجراحة النوبات في جانبها الأصلي ولكنها تمنعها من أن تكون معممة.
4. أجهزة التحفيز العصبي
هذه أجهزة تُزرع جراحيًا لمساعدة في السيطرة على النوبات.
مُحفّز العصب الحائر (VNS): جهاز صغير يُزرع تحت الجلد في الصدر مع سلك يلتف حول العصب الحائر في الرقبة. يرسل импульات كهربائية منتظمة إلى الدماغ عبر العصب الحائر لتقليل وتيرة وشدة النوبات.
التحفيز العميق للدماغ (DBS) والتحفيز المستجيب (RNS): أقل شيوعًا في الأطفال من البالغين، ولكنها خيارات للمراهقين في حالات معينة.
5. تعديلات نمط الحياة
هي جزء مكمل للعلاج الطبي وليست بديلاً عنه.
النوم الكافي: الحرمان من النوم هو محفز شائع جدًا للنوبات.
التحكم في الحمى: يمكن أن تسبب الحمى نوبات لدى بعض الأطفال، لذا يجب مراقبتها ومعالجتها.
إدارة الإجهاد: تعلم تقنيات الاسترخاء يمكن أن يساعد.
الالتزام بالعلاج: كما ذكرنا سابقًا، هذا أمر بالغ الأهمية.
العملية التشخيصية واختيار العلاج
قرار العلاج لا يتم اتخاذه بمعزل. يعتمد على:
نوع الصرع ونوع النوبات التي يعاني منها الطفل.
سبب الصرع (إذا تم تحديده).
عمر الطفل وحالته الصحية العامة.
الآثار الجانبية المحتملة للدواء.
تفضيلات الأسرة.
يتم التشخيص الدقيق عادة بواسطة طبيب أعصاب أطفال، الذي يعتمد على:
التاريخ الطبي المفصل (وصف النوبات).
تخطيط كهربية الدماغ (EEG).
التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) للدماغ.
ملاحظة مهمة جدًا:
لا تقم أبدًا بإيقاف أو تغيير جرعة دواء طفلك المضاد للصرع دون استشارة الطبيب. الإيقاف المفاجئ يمكن أن يسبب نوبات متكررة وشديدة أو حالة صرعية مهددة للحياة.
الخلاصة: يوجد أمل كبير لأطفال الصرع. مع التشخيص الصحيح وخطة العلاج المخصصة، يمكن السيطرة على النوبات بنجاح في حوالي 70-80% من الأطفال، مما يسمح لهم بممارسة حياتهم بشكل طبيعي. حتى في الحالات المقاومة للعلاج، توجد خيارات متقدمة مثل النظام الغذائي والجراحة والأجهزة الطبية.
يجب دائمًا مناقشة جميع الخيارات مع فريق طبي متخصص في طب أعصاب الأطفال.